الخميس ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
Lang :

رجل الصناعة سمير رياض: التعليم الفني والمرونة التمويلية والتسويق والسعر الحل لمضاعفة الصادرات المصرية 2022-08-12 15:31:50


رجل الصناعة سمير رياض: التعليم الفني والمرونة التمويلية والتسويق والسعر الحل لمضاعفة الصادرات المصرية

  • التصدير وامتلاك عقود طويلة وقصيرة الأجل كانت السبب في التخطيط المتكامل لمسيرة العمل والتوسع في الإنتاج.
  • بنجلاديش صدرت في 10 أشهر بما يقارب 37 مليار دولار.. علينا ان ندرس الأسلوب الأمثل للتصدير ، لتعظيم نقاط القوة والتغلب على نقاط الضعف .
  • تم تأسيس مدرسة للتعليم المزدوج في فرع المجموعة في الفيوم لتدريب الشباب على المهارات المهنية المتقدمة وإتاحة فرص عمل للجميع.
  • أطالب بمرونة أكثر من البنوك لتمويل المصانع، بما يجعلها قادرة على الاستمرار في العمل.

خبرة ممتدة في الصناعات النسجية، استطاع منذ البداية التصدير للأسواق العالمية والاستمرار في هذا الأمر لأكثر من نصف قرن، يعلم جيدًا مشاكل الصناعة ومعوقات التصدير، ولديه رؤية بالغة التميز للوضع الحالي وللمستقبل، ولهذا من يرغب في توصيف دقيق للوضع الحالي وما يمكن أن يكون عليه المستقبل عليه فقط أن يجلس ويستمع له، فما حديثه إلا ترجمة لخبرة ومسيرة عمل نشأ بها ويعلم كل خباياها.. فهو رجل محب للصناعة وللوطن وللجميع على السواء.

رجل الصناعة المهندس سمير سامي رياض رئيس مجلس إدارة رياض جروب للصناعات النسجية، يفتح قلبه وعقله ويفصح عما في وجدانه في حواره مع خيوط وفقا للتالي:

البداية

انشأ والدي المصنع عام 1947؛ أي منذ 75 عامًا وخلال عام الإنشاء كان معظم أصحاب المصانع من الأجانب وكان والدي هو الوحيد المصري الذي بدأ يعمل في المجال، وبالتالي كان عليه أن يتحصل على الخامات من الأجانب ثم تسويق منتجاته لديهم أيضا، وبطبيعة الحال لم يتركوا له الفرصة للعمل بشكل متكامل في السوق المصري، فكان القرار هو التصدير والعمل مع الأسواق الخارجية ممثلة في السودان وأثيوبيا وغانا، وبعد الخمسينات بدأ العمل في السوق المصري.

في ذلك الوقت وأنا صغير  اثناء الاجازات الدراسية كنت اتابع  مسيرة العمل بالمصنع مع والدي، وبمجرد الحصول على الثانوية العامة، غادرت مصر للخارج  لمواصلة طريق العلم لمدة 11 عامًا منها 7 أعوام في ألمانيا و 4 أعوام في إنجلترا، وعدت خلال العام 1968، وبدأت اصدر المنتجات ككل في الخارج، والأسباب وراء الاتجاه للتصدير بالكامل رغبة في ترك مجال للأخرين للعمل في السوق المحلية، إضافة إلى ان التصدير مع امتلاك عقود تصدير طويلة ومتوسطة الأجل يمنح القدرة على التخطيط لمسيرة العمل بشكل جيد، وهو الأمر الذي اثبت نجاحه حيث أدي إلى التوسع في العملية الإنتاجية وانشاء أفرع أخرى للمصنع في أكثر من مكان.

السر وراء استمرارية النجاح

وأكد رجل الصناعة سمير سامي رياض السر وراء النجاح في التصدير جاء لعامل الالتزام بمواصفات الجودة التي يرغب فيها العميل، والاهم القدرة على توفير منتج يتسم بالسعر التنافسي المميز بالمقارنة مع المثيل الأجنبي، ودعني أقول أمرًا هامًا، كل منتج سواء أكان قميص أو لانجيري أو تي شيرت؛ كل منها له مواصفات محددة يتم العمل بناءً عليها وفقا لمستوى الجودة المطلوب التي يجب الالتزام بها، ومن ثم من يرغب في التصدير أو حتى من يرغب في طرح منتجاته في السوق المحلية عليه أن يعمل وفق هذه المواصفات  في كل الأحوال، إذن العامل الأبرز في ترجيح كافة الميزان لصالحك في مواجهه المنافسة سواء محليًا أو خارجيًا هي القدرة على توفير منتج له سعر تنافسي متميز للعميل.. ولهذا كلما كان للمصنع القدرة على توفير منتجات ذات سعر مميز؛ وقتها من الممكن أن القيام بالتصدير بل والاستمرارية فيه مثلما حدث بالنسبة لنا منذ ستينات القرن الماضي، والآن أصبحت الشركة تضم 10 مصانع متخصصة في مختلف مجالات الصناعة.

السلاسل التجارية

وللعمل في السوق المحلية هناك ضرورة لتواجد سلاسل المحال التجارية الكبيرة المنتشرة في السوق المحلي، حيث تتولى عرض منتجات المنتجات المختلفة، وهذه النوعية من السلاسل التجارية تمتلك المعامل لتقييم المنتجات ومن ثم تمتلك القدرة على عرض المنتجات ذات الجودة المناسبة لها، وبالتالي سوف تجعل المنشآت الإنتاجية الصغيرة تلتزم بالجودة المطلوبة حتى يتم عرض منتجاتها في هذه السلاسل، بينما المحال التجارية الصغيرة لا تمثل امرًا مثاليًا للصناعة أو للعميل، فهي في النهاية لن تمتلك مثل هذه المعامل وكل الذي تهتم به هو السعر، مما يجعل العميل لا يقبل على الكثير من المنتجات التي قد يكون بعضها غير ملائم له.

ولهذا وجود السلاسل التجارية الكبيرة من المؤكد سيكون لها دورًا في تطوير المصانع الصغيرة والمتوسطة والتي ستعمل بقدر كبير من الاهتمام من حيث الجودة والسعر حتى تستطيع التعامل معها لتسويق منتجاتها.

التسويق

اتجاه الشركة القابضة للتسويق عبر سلسلة من المحال التجارية خاصة بالعلامة التجارية " نت" أمر جيد وتطوير مطلوب، ولكن من الضروري ان يتم الوضع في الاعتبار أن المجتمع المصري يصل تعداده إلى 100 مليون نسمه، والذين لكل منهم متطلباته من ملبس وغيره، وبالتالي فروع المحال التجارية لتسويق علامة "نت" ما الذي تقوم بتوفيره لكل هذا العدد من السكان، وبالتالي هذه السلاسل وحدها لن تكفي..! أي اننا في احتياج للمزيد والمزيد من هذه السلاسل سواء لماركة " نت" أو لغيرها من المنتجات المحلية.

التدريب

نفس الأمر ينطبق أيضا على تدريب الأيدي العاملة في الصناعة منذ أعوام كان لدينا مشروع مبارك- كول، وهو المشروع الذي كان يهدف إلى تدريب فنيين على مستوى جيد من التعليم المهني، هذا المشروع وحده لم يكن له آثارًا إيجابية ملموسة، فقد كان من الضروري ان يكون هناك غيره من المشروعات في نفس الإطار.

والتعليم والتدريب أمر بالغ الأهمية للصناعة ومسيرتها ولهذا تم انشاء مدرسة تطبق مفهوم "التعليم المزدوج" ملحقة بأحد افرع المصنع في الفيوم، ايمانًا بأن هناك دور للقطاع الخاص في القيام بهذا الدور، خاصة وأن محافظة الفيوم بها العديد من الأيدي العاملة التي تبحث عن فرصة عمل، إلا أن الكثير منها يفتقد للتدريب، ولهذا تم انشاء هذه المدرسة رغبة في تدريبهم على المهارات الإنتاجية، بما يؤدي مع الوقت إلى انتشار  الصناعة هناك، والآن بعد مرور قرابة 15 عامًا ، تم تحقيق قدرًا مميزًا من النجاح في توطين الصناعة بها، حيث أصبحت هناك منشآت صناعية أخرى في المحافظة تحتاج إلى مثل هذه العمالة، وهذا دور مهم للقطاع الخاص في المجتمع بالعمل على توفير فرص عمل للعاملة ولا يكون الدور مقتصرًا على الجهات الحكومية وحدها.

التجمعات الصناعية الجديدة

وقال : لي رؤية حول انشاء التجمعات الصناعية الجديدة خاص للصناعات النسجية يقوم على أهمية أن تكون المنشآت الإنتاجية في داخل الكتلة العمرانية الحالية وليس في المناطق العمرانية الجديدة، فاليوم العامل المصري غير محدد المهنة وبالتالي قد ينتقل من مصنع لأخر بحثًا عن أي زيادة في الدخل الخاص به، وفي المناطق الصناعية الجديدة يحدث هذا الأمر بوضوح، حيث ينتقل العامل من مصنع لأخر، وهو أمر يوجد قدرًا من السلبيات للمصانع وعلاقتها ببعضها، سوف اشير إلى دولة مثل اليابان، العامل في أي مصنع هناك لا يستطيع الانتقال من مصنع لأخر  إلا بعد أعوام طويلة من العمل في مصنع محدد، والسبب هو تعليم العامل أهمية احترام المهنة التي يعمل بها واحترام للمنشأة الصناعية التي ساهمت في تدريبه وثقل خبراته المهنية، بينما هنا لا يحدث هذا الأمر، ولهذا قبل ان يتم العمل في تجمعات جديدة أن يتم نشر ثقافة احترام العمل و المهنة بين الشباب، بالإضافة إلى تقدير دور المنشأة الصناعية التي قامت بتدريبه والمساهمة في تطوير مهاراته المهنية.

كما ان كلما كان المكان للمصانع قريب من الكتلة السكانية كان هناك توفير للانتقالات الخاصة بكل منهم بالنسبة للمصانع، إضافة إلى تواجد فرص تدريب وتأهيل المزيد من الشباب للالتحاق بالصناعة، كما ان هذه الصناعة مع توافر قدر من الاشتراطات في الإنتاج هي صناعة صديقة للبيئة، أي تواجدها داخل الكتلة السكنية لا يمثل عامل تلوث أو مشكلة بالنسبة لها.

كما نعلم أن مصر لديها أكبر نسبة عمالة من الشباب إلا أننا لا نُحسن استغلالها بالشكل الأمثل، فمدن الصعيد مثلا تضم عددا كبيرا من القرى والنجوع وتزخر بشباب الخريجين الذين يمكن تدريبهم والاستفادة منهم في مصانع قريبة من مساكنهم ويوفر لهم وظيفة مناسبة للحد من مشاكل البطالة بدلا من عناء الطريق للوصول إلى مراكز المحافظات.

محدودية مصادر التمويل

وحول مصادر التمويل والتعامل المصرفي مع المنشآت الصناعية قال رجل الصناعة سمير سامي رياض: البنوك في النهاية تقوم بعمليات التمويل وفقا لقرارات وإجراءات البنك المركزي، وبما يحقق لها العائد الملائم، ومن ثم فكرة أن يكون التمويل لصالح الصناعة وتوفير المواد الخام اللازمة لها يتم تقييمه وفقا لحسابات المكسب والخسارة لها وليس للصناعة، ومن ثم الهدف ليس الصناعة أو استمرارية مسيرة الإنتاج، إضافة إلى ذلك مع ارتفاع أسعار المواد الخام ومنها بطبيعة الحال الغزول خاصة وانه لا يوجد غزل محلي يتصف بالجودة والقدرة على تغطية احتياجات السوق المحلية.

وسوف اعطي مثالًا .. في الوقت الراهن مع ارتفاع أسعار الغزول، ارتفاع سعر كيلو الغزل من 2 دولار إلى 5 دولار و70 سنت تقريبًا، وبالتالي ما كنت اتحصل عليه كتمويل مصرفي لاستيراد 2 طن غزول اصبح لا يكفي إلا للحصول على نصف طن، وبالتالي مع الأعباء التي يتحملها الصانع المحلي، من الممكن ان يتكبد قدرًا من الخسارة، فهل حدث أن تدخلت البنوك لبيان ما يجري في السوق وتوفير قدر أكبر من التمويل، هذا لم يحدث.

كان من المفترض أن يكون لدى البنوك قدرًا من الوعي لكيفية التعامل مع الأحداث والمتغيرات التي يمر بها السوق العالمية والمحلية أو الاقتصاد المحلي والعالمي بشكل عام، ويقوم بدعم رجال الصناعة بإتاحة تمويل إضافي لاستمرار قدرتهم على مواصلة الإنتاج دون التعرض لأي تراجع لما لديهم من مواد خام، أو ألحاق أي خسائر محتملة.

ولابد وان اشير إلى أن المرونة في التعامل المصرفي، بحيث إذا ما واجهه أي عميل صناعي أي مشكلة ما يتم توفير الدعم له حتى يعبر أي أزمة قد يتعرض لها، فاستمرارية مسيرة الإنتاج تمثل ضامن لاستعادة البنوك لأموالها..

كذلك أين البنوك من تمويل انشاء سلسلة المحال التجارية التي من المؤكد ستكون داعم قوي ومؤثر للصناعة في توفير منافذ مثالية لتسويق منتجاتها.. ولهذا أقول منتهى الوضوح أن هناك إجراءات وقوانين وأفكار هناك حاجة ماسة للتعامل بها بأسلوب يختلف عن الأسلوب المطبق في الوقت الراهن، لابد وان يكون هناك مرونة وطريقة مختلفة في التمويل، فالهم ليس تكوين احتياطي نقدي قدر ضمان استمرارية مسيرة العمل وحركية الاقتصاد بشكل مستمر خاصة وقت الأزمات.

روشته للتصدير

وأضاف قبل ان نتحدث عن ثبات معدلات التصدير علينا ان ندرس لماذا هناك قدرًا من الثبات أو النمو المحدود لحجم الصادرات ، على سبيل المثال حققت دولة مثل بنجلاديش كم صادرات بلغ 37 مليار دولار في عشرة اشهر، السبب عدة عوامل منها التعليم الجامعي، هناك كم هائل من الجامعات التي يلتحق بها الطلاب للدراسة ثم العمل الإداري في أي منشأة سواء خاصة أو حكومية، بينما هناك مهن تعاني من توافر الأيدي العاملة.

ومن ثم يتم صرف المليارات من الجنيهات على التعليم الجامعي ثم يتخرج الشاب دون العثور على عمل، يضاف إلى ذلك ثقافة المجتمع السلبية تجاه بعض الحرف، فالكل يرغب في ان يعمل إداري أو من خلال الجلوس على المكاتب، دون ان يتعلم مهنه ما قد يكون العائد من خلالها افضل من العمل كإداري.

ومن ثم هناك أهمية للعمل على وضع خطط تصديريه متكاملة لبيان كيف يتم التصدير وضمان استمراريته، بمعنى دراسة نقاط الضعف للتغلب عليها، ودراسة نقاط القوة لتعزيزها، وقتها سوف نحقق كم من عائدات الصادرات ستكون في صالح الدولة ككل.

كلمتني لأبنائي

وفي نهاية الحوار .. قال: مصر من اجمل بلدان العالم، ولهذا أقول لأبنائي استمروا في العمل بهذه الصناعة؛ فهي رسالة  استمرت منذ أعوام طويلة لخدمة الناس وخدمة الوطن وعليكم الاستمرار بها ، لخدمة هذا الوطن الذي يستحق كل تضحية وكل محبة فهي أرضًا للسلام والمحبة وستظل على الدوام.

info@khoyout.com